1 ـ تفنيد الإمام الرازي لأقوال الرافضة في معنى ولاية سيدنا علي عليه السلام :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( والجواب:
أما حمل لفظ الولي على الناصر وعلى المتصرف معاً فغير جائز،
لما ثبت في أصول الفقه أنه لا يجوز حمل اللفظ المشترك على مفهوميه معاً.
أما الوجه الثاني فنقول:
لم لا يجوز أن يكون المراد من لفظ الولي في هذه الآية الناصر والمحب،
ونحن نقيم الدلالة على أن حمل لفظ الولي على هذا المعنى أولى من حمله على معنى المتصرف.
ثم نجيب عما قالوه فنقول:
الذي يدل على أن حمله على الناصر أولى وجوه:
الأول: أن اللائق بما قبل هذه الآية وبما بعدها ليس إلا هذا المعنى،
أما ما قبل هذه الآية فلأنه تعالى قال:{ يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَـارَىا أَوْلِيَاء } [المائدة: 51]
وليس المراد لا تتخذوا اليهود والنصارى أئمة متصرفين في أرواحكم وأموالكم
لأن بطلان هذا كالمعلوم بالضرورة،
بل المراد
لا تتخذوا اليهود والنصارى أحباباً وأنصاراً، ولا تخالطوهم ولا تعاضدوهم،
ثم لما بالغ في النهي عن ذلك قال: إنما وليكم الله ورسوله والمؤمنون والموصوفون،
والظاهر أن الولاية المأمور بها ههنا هي المنهي عنها فيما قبل،
ولما كانت الولاية المنهي عنها فيما قبل هي الولاية بمعنى النصرة كانت الولاية المأمور بها هي الولاية بمعنى النصرة،
وأما ما بعد هذه الآية فهي قوله{ يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَـابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مؤمنين } [المائدة: 57]
فأعاد النهي عن اتخاذ اليهود والنصارى والكفار أولياء،
ولا شك أن الولاية المنهي عنها هي الولاية بمعنى النصرة، فكذلك الولاية في قوله { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ } يجب أن تكون هي بمعنى النصرة،
وكل من أنصف وترك التعصب وتأمل في مقدمة الآية وفي مؤخرها قطع بأن الولي في قوله { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ } ليس إلا بمعنى الناصر والمحب،
ولا يمكن أن يكون بمعنى الإمام،
لأن ذلك يكون إلقاء كلام أجنبي فيما بين كلامين مسوقين لغرض واحد،
وذلك يكون في غاية الركاكة والسقوط،
ويجب تنزيه كلام الله تعالى عنه. )
ـــــــــــــــــــــــــ
تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ)
ــــــــــــــ
(( بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم
وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم
في العالمين إنك حميد مجيد ))
2 ـ تفنيد الإمام الرازي لأقوال الرافضة في معنى ولاية سيدنا علي عليه السلام :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( الحجة الثانية:
أنا لو حملنا الولاية على التصرف والإمامة لما كان المؤمنون المذكورين في الآية موصوفين بالولاية حال نزول الآية، لأن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ما كان نافذ التصرف حال حياة الرسول، والآية تقتضي كون هؤلاء المؤمنين موصوفين بالولاية في الحال،
أما لو حملنا الولاية على المحبة والنصرة كانت الولاية حاصلة في الحال، فثبت أن حمل الولاية على المحبة أولى من حملها على التصرف،
والذي يؤكد ما قلناه أنه تعالى منع المؤمنين من اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، ثم أمرهم بموالاة هؤلاء المؤمنين، فلا بدّ وأن تكون موالاة هؤلاء المؤمنين حاصلة في الحال حتى يكون النفي والإثبات متواردين على شيء واحد،
ولما كانت الولاية بمعنى التصرف غير حاصلة في الحال امتنع حمل الآية عليها.
الحجة الثالثة:
أنه تعالى ذكر المؤمنين الموصوفين في هذه الآية بصيغة الجمع في سبعة مواضع وهي قوله
{ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }
وحمل ألفاظ الجمع وإن جاز على الواحد على سبيل التعظم لكنه مجاز لا حقيقة،
والأصل حمل الكلام على الحقيقة.
الحجة الرابعة:
أنا قد بينا بالبرهان البين أن الآية المتقدمة وهي قوله{ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ } [المائدة: 54] إلى آخر الآية من أقوى الدلائل على صحة إمامة أبي بكر، فلو دلّت هذه الآية على صحة إمامة علي بعد الرسول لزم التناقض بين الآيتين، وذلك باطل، فوجب القطع بأن هذه الآية لا دلالة فيها على أن علياً هو الإمام بعد الرسول.
الحجة الخامسة:
أن علي بن أبي طالب كان أعرف بتفسير القرآن من هؤلاء الروافض،
فلو كانت هذه الآية دالة على إمامته لاحتج بها في محفل من المحافل،
وليس للقوم أن يقولوا: إنه تركه للتقية فإنهم ينقلون عنه أنه تمسك يوم الشورى بخبر الغدير، وخبر المباهلة، وجميع فضائله ومناقبه، ولم يتمسك ألبتة بهذه الآية في إثبات امامته، وذلك يوجب القطع بسقوط قول هؤلاء الروافض لعنهم الله.
الحجة السادسة:
هب أنها دالة على إمامة علي، لكنا توافقنا على أنها عند نزولها ما دلت على حصول الإمامة في الحال: لأن علياً ما كان نافذ التصرف في الأمة حال حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، فلم يبق إلا أن تحمل الآية على أنها تدل على أن علياً سيصير إماماً بعد ذلك،
ومتى قالوا ذلك فنحن نقول بموجبه ونحمله على إمامته بعد أبي بكر وعمر وعثمان،
إذ ليس في الآية ما يدل على تعيين الوقت،
فإن قالوا: الأمة في هذه الآية على قولين: منهم من قال: إنها لا تدل على إمامة علي، ومنهم من قال: إنها تدل على إمامته، وكل من قال بذلك قال: إنها تدل على إمامته بعد الرسول من غير فصل،
فالقول بدلالة الآية على إمامة علي لا على هذا الوجه، قول ثالث،
وهو باطل لأنا نجيب عنه فنقول:
ومن الذي أخبركم أنه ما كان أحد في الأمة قال هذا القول، فإن من المحتمل، بل من الظاهر أنه منذ استدل مستدل بهذه الآية على إمامة علي، فإن السائل يورد على ذلك الاستدلال هذا السؤال،
فكان ذكر هذا الاحتمال وهذا السؤال مقروناً بذكر هذا الاستدلال )
ـــــــــــــــــــــــــ
تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ)
ــــــــــــــ
(( بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم
وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم
في العالمين إنك حميد مجيد ))
3 ـ تفنيد الإمام الرازي لأقوال الرافضة في معنى ولاية سيدنا علي عليه السلام :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( الحجة السابعة: أن قوله: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ } لا شك أنه خطاب مع الأمة، وهم كانوا قاطعين بأن المتصرف فيهم هو الله ورسوله، وإنما ذكر الله تعالى هذا الكلام تطييباً لقلوب المؤمنين وتعريفاً لهم بأنه لا حاجة بهم إلى اتخاذ الأحباب والأنصار من الكفار، وذلك لأن من كان الله ورسوله ناصراً له ومعيناً له فأي حاجة به إلى طلب النصرة والمحبة من اليهود والنصارى
وإذا كان كذلك كان المراد بقوله { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ } هو الولاية بمعنى النصرة والمحبة، ولا شك أن لفظ الولي مذكور مرة واحدة، فلما أريد به ههنا معنى النصرة امتنع أن يراد به معنى التصرف لما ثبت أنه لا يجوز استعمال اللفظ المشترك في مفهوميه معاً.
الحجة الثامنة:
أنه تعالى مدح المؤمنين في الآية المتقدمة بقوله{ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَـافِرِينَ } [المائدة: 54]
فإذا حملنا قوله { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ } على معنى المحبة والنصرة كان قوله { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ } يفيد فائدة قوله { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَـافِرِينَ }
وقوله{ يُجَـاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ } [المائدة: 54]
يفيد فائدة قوله { يُقِيمُونَ الصَّلواةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَواةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } [المائدة: 55]
فكانت هذه الآية مطابقة لما قبلها مؤكدة لمعناها فكان ذلك أولى،
فثبت بهذه الوجوه أن الولاية المذكورة في هذه الآية يجب أن تكون بمعنى النصرة لا بمعنى التصرف. )
ـــــــــــــــــــــــــ
تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ)
ــــــــــــــ
(( بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم
وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم
في العالمين إنك حميد مجيد ))
4 ـ تفنيد الإمام الرازي لأقوال الرافضة في معنى ولاية سيدنا علي عليه السلام :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(أما الوجه الذي عولوا عليه وهو أن الولاية المذكورة في الآية غير عامة، والولاية بمعنى النصرة عامة،
فجوابه من وجهين:
الأول: لا نسلم أن الولاية المذكورة في الآية غير عامة،
ولا نسلم أن كلمة { إِنَّمَا } للحصر،
والدليل عليه قوله{ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء } [يونس: 24]
ولا شك أن الحياة الدنيا لها أمثال أخرى سوى هذا المثل،
وقال:{ إِنَّمَا الْحَيَواةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } [محمد: 36]
ولا شك أن اللعب واللهو قد يحصل في غيرها.
الثاني: لا نسلم أن الولاية بمعنى النصرة عامة في كل المؤمنين، وبيانه
أنه تعالى قسم المؤمنين قسمين:
أحدهما: الذين جعلهم مولى عليهم وهم المخاطبون بقوله { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ } والثاني: الأولياء، وهم المؤمنون الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون،
فإذا فسرنا الولاية ههنا بمعنى النصرة كان المعنى أنه تعالى جعل أحد القسمين أنصاراً للقسم الثاني. ونصرة القسم الثاني غير حاصلة لجميع المؤمنين، ولو كان كذلك لزم في القسم الذي هم المنصورون أن يكونوا ناصرين لأنفسهم، وذلك محال، فثبت أن نصرة أحد قسمي الأمة غير ثابتة لكل الأمة، بل مخصوصة بالقسم الثاني من الأمة،
فلم يلزم من كون الولاية المذكورة في هذه الآية خاصة أن لا تكون بمعنى النصرة،
وهذا جواب حسن دقيق لا بدّ من التأمل فيه. )
ـــــــــــــــــــــــــ
تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ)
ــــــــــــــ
(( بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم
وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم
في العالمين إنك حميد مجيد ))
لماذا لم يقل: إنما أولياؤكم؟ وما إعراب { الَّذِينَ يُقِيمُونَ } ؟ :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(وبقي في الآية سؤالان.
السؤال الأول:
المذكور في الآية هو الله تعالى ورسوله والمؤمنون،
فلم لم يقل: إنما أولياؤكم؟
والجواب:
أصل الكلام إنما وليكم الله، فجعلت الولاية لله على طريق الأصالة،
ثم نظم في سلك إثباتها له إثباتها لرسول الله
والمؤمنين على سبيل التبع،
ولو قيل:
إنما أولياؤكم الله ورسوله والذين آمنوا لم يكن في الكلام أصل وتبع،
وفي قراءة عبد الله:
إنما مولاكم الله.
السؤال الثاني:
{ الَّذِينَ يُقِيمُونَ } ما محله؟
الجواب:
الرفع على البدل من { الَّذِينَ آمنوا }
أو يقال:
التقدير:هم الذين يقيمون،
أو النصب على المدح،
والغرض من ذكره تمييز المؤمن المخلص عمن يدعي الإيمان ويكون منافقاً،
لأن ذلك الإخلاص إنما يعرف بكونه مواظباً على الصلاة
في حال الركوع،
أي في حال الخضوع والخشوع والإخبات لله تعالى. )
ـــــــــــــــــــــــــ
تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ)
ــــــــــــــ
(( بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم
وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم
في العالمين إنك حميد مجيد ))