تحت اشراف فضيلة العلامة الشيخ فراج يعقوب حفظه الله
recent

جديد

recent
random
جاري التحميل ...

فضيلة العارف بالله تعالى الشيخ احمد الطاهر الحامدى رضي الله عنه

 
بسم الله الرحمن الرحيم

ومن أقطاب الخلوتية
فضيلة العارف بالله تعالى الشيخ احمد الطاهر الحامدى رضي الله عنه.
قال عنه الدكتور عبد المنعم الحفنى في الموسوعة الصوفية عند الحديث عن العارف الشرقاوي صـ242 من تلاميذ الشرقاوي احمد الطاهر الحامدى المتوفى سنة 1332هـ تولى شرح منظومة المورد الرحمانى لأستاذه الشرقاوي بعنوان (الكشف الرباني عن المورد الرحمانى) يقول في مقدمته أن أستاذه قد طلب إليه ذلك في حياته وقد وافقه على ما ذهب إليه.
وله أيضاً (مطية السالك إلى مالك الممالك) وهى من أشهر المصنفات الصوفية وهى عند الخلوتية من أركان الطريق وآدابها شأنها في ذلك شأن تحفة الإخوان والصلوات الدرديرية وورد السحر للعارف البكرى.
ويذكر في مقدمة المطية أنه صنفه بناء على طلب أستاذه / الشرقاوي ليكون نبراساً للمريدين.
ويقول عنه العارف الدومى في كتابه (الفتاوى والأحكام) باب الاعتراض على بعض صيغ الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
يقول العارف الدومى وممن تصدى لذلك العلامة المحقق مولانا الشيخ احمد الطاهر الحامدى سقاه الله شآبيب رحمته ورضوانه في كتابه المسمى:
(مطية السالك) على هامش شرحه المسمى (الكشف الرباني) لأستاذه العارف بالله تعالى سيدي أحمد بن شرقاوي رضي الله عنه وعنا به.

وهذه ترجمة له بقلم ابنه قدوة العارفين ومربى السالكين الجامع بين الشريعة والحقيقة والقائم بالوراثة المحمدية العارف بالله تعالى الشيخ محمد أحمد الطاهر:
فيقول عن ترجمة أبيه وهو الكوكب المنير أحد الفضلاء النابغين والجهابذة المحققين، بركة وقته، ووحيد عصره، العالم الرباني والعارف الصمدانى الحجة الفقيه الصوفي الأديب مولانا الشيخ أحمد الشهير بالطاهر بن الشيخ عوض الله بن عبد القادر بن كليب بن أحمد بن موسى الحامدى نسبة إلى الحامدية (وهى قبيلة معروفة من أصل عربي عريق). استوطنوا من عهد بعيد ناحية الكرنك بجوار الأقصر.
والمعروف أن أباهم الأكبر كان قد قدم من الأقطار الحجازية في جملة من قدموا مع القطب الأكبر العارف بالله سيدي أبا الحجاج الأقصرى الشهير رضي الله عنه ونفعنا به حوالي سنة 600هـ (ستمائة من هجرة خير البرية) وهم من سلالة سيدنا العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما سمعت من ثقاة الرواة.
أما والده الشيخ عوض الله كان من العلماء العاملين والأولياء العارفين له مجاهدات صحيحة وكرمات صريحة وكان مجاب الدعوة ومما يؤثر عنه قوله (سألت الله تعالى أن يجعل العلم فىّ وفى ذريتى إلى يوم القيامة فأجابني إلى ذلك).
ولما سمع هذه العبارة شيخ أشياخنا العارف بالله تعالى الشيخ عبد الجواد الدومى علق عليها بقوله (كان مراده بالعلم الذي سأل الله أن يجعله فيه وفى ذريته العلم النافع الذي يوصل إلى معرفة الله عز وجل).
وواقع الحال يدل على صدق قوله فالعلم والولاية قد تتابعا في ذريته من بعده إلى وقتنا هذا بعد مضى ما يقرب من قرن من هذا الزمان رضي الله عنه.
والدلائل الحاضرة تشير إلى أن حبل الوصل موصول والله ذو الفضل العظيم.
ووالدة الشيخ كانت من الصالحات الخيّّرات تجيد حفظ القرآن الكريم وتتعبد بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار ومن هذا المنبت الصالح والتربة الطيبة جاء شيخنا الطاهر.

مولد سيدي أحمد الطاهر ونشأته:
ولد عليه سحائب الرضوان عام 1257هـ سبع وخمسين ومائتين بعد الألف من الهجرة النبوية ونشأ وتربى في ذلك البيت المحفوف بالرضوان المعطرة أرجاؤه بعطر الولاية وتلاوة القرآن ونال منذ حداثته قسطاً وافراً من الثقافة والعلم وما زالت تلك البيئة تحببه في العلم وتدعوه إلى الإقبال على ربه إلى أن كمل نموه على سلامة الفطرة وقوة الإستعداد فبعث به والده إلى الأزهر الشريف وعندما توجه إلى الأزهر وجده حافلاً بالعلماء العاملين فأخذ يغترف من فيض معارفهم ويستضيء بأنوار إرشادهم حتى أتم الله له في زمن قصير الفقه في الدين ورزقه الله في شتى علومه التمكين وصار مرجعاً للسابقين واللاحقين.
ثم عاد إلى بلدته تلبية لرغبة والده سنة 1281هـ وسنه لم يتجاوز الرابعة والعشرين وجلس للتدريس حسبة لله تعالى ونفع للمسلمين فأقبل عليه طلاب العلم ومريدو السلوك يغترفون علمي الشريعة والحقيقة ويتخذون منه القدوة الصالحة والأسوة الحسنة وإلى جانب ذلك كان يكتب التآليف النافعة ويحرر الفتاوى لطالبيها ويسعى مع هذا وذاك في قضاء حوائج الناس بنفسه وماله وجاهه ولقد اكسبه عزوفه عن المناصب الحكومية مهابة وإكبارا في عيون الخلق فكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يخشى في الله لومة لائم ولا صولة حاكم رفض أن يتولى القضاء في مديرية إسنا حين عرض عليه مديرها.
كما رفض أن يكون مدرساً في الأزهر الشريف أو شيخاً لرواق الصعايدة حين عرض عليه ذلك شيخ الإسلام حين ذاك وكان أحد هذه المناصب يسيل له لعاب أهل الدنيا.

الطاهر الصوفي:
إذا ذكر الرجال الذين كابدوا التصوف حتى وصلوا إلى قمة الصفاء وبينه للناس حتى أصبح كالشمس لا يحجبها ضباب .. كان شيخنا في مقدمة الركب وبيده السيف البتار وباليد الأخرى علم طريق الحق الذي لا يضل طريق من سار وراءه ويرجع تفوقه هذا بعد فضل الله تعالى .. الله أعلم حيث يجعل فضله وسره إلى عوامل اربعة:
نشأته بين أبوين صالحين على وصف ما قدمنا حيث ربياه أحسن تربية فأثمرت وآتت أكلها بأذن الله.
البيئة الأزهرية التي كانت أيام مجاورته بالأزهر الشريف حيث كان مشايخ الأزهر وطلابه في ذلك العهد يميلون إلى النزعة الصوفية .. فمن لم يكن شيخ طريق كان سالكاً أو محباً وكانت أمهات كتب التصوف تدرس في الأزهر كأحياء علوم الدين والحكم العطائية وغيرهما.
اجتماعه بشيخ أوانه وقطب زمانه العارف بالله تعالى أبى المعارف سيدي احمد بن شرقاوي رضي الله عنه ونفعنا به فقد أخذ عنه طريق الخلوتية وكان له أبلغ الأثر في تصوفه وإشراق معارفه.
ملازمته حياته كلها لأخيه في الله تعالى العارف بالله السيد يوسف الحجاجى رضي الله عنه فقد كان يعد أستاذه أبا المعارف يعده بمثابة الأستاذ رضي الله عنه.
وقد صدق في وصف محبتهما قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه) وقد كانت له أمنية أن يعيش بجوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو حتى تتكرر زيارته له عاماً بعد عام بعد أن حج وزار مرتين ولكن لم تتحقق هذه الأمنية في ظاهر الأمر كما يجرى في دنيا الناس ولا شك أنه قد تحقق له مراده فيما وراء ذلك في دنيا العارفين.
وقد صدق من قال:
قلوب العارفين لها عيون *** ترى ما لا يراه الناظرونا
والسنة باسرار تناجى *** تغيب عن الكرام الكاتبينا
وأجنحة تطير بغير ريش *** إلى ملكوت رب العالمينا

ولكن الرجال ليس من شأنهم إذاعة أسرارهم إلا إذا هجم عليهم الحال فعند ذلك يجرى الله على أيديهم بعض خوارق العادات تبريداً لحرارة أشواقهم وتقوية ليقين بعض معتقداتهم وقد كان لصاحب هذه الترجمة في هذا الميدان كثير من النفحات نلمحها في بعض عباراته من الشعر والنثر، (وهى على كثرتها) إذا قوبلت ونسبت إلى ما أكرمه الله به بعد وفاته من حفظ جسده المصفى والمطهر، لكانت بجانب ذلك شيئاً لا يذكر.
لقد شاء الله أن ينقل من القبر الذي دفن فيه بعد ستون عاماً من إنتقاله إلى جوار ربه فوجد جسده طرياً كأنه نائم تثتنى رجلاه عند حمله وتترنح رأسه بين كتفيه.
بل هناك ما هو مغرق في الغرابة هو أن يمتد الحفظ إلى جبة من صوف الغنم كانت لأستاذه أبا المعارف فألبسها له بعد غسله أخوه في الله تعالى السيد / يوسف الحجاجى ضمن ما ألبسه من الأكفان، وجدت هذه الجبة وهو ما يسمى (زعبوط) عند أهل الصعيد على حالتها تصلح لما صنعت له، والتربة هذه تعتبر في عرف العلم والعادة من أسرع الترب عملاً على فناء ما يجعل فيها.
تم ذلك في سنة 1391هـ سنة إحدى وتسعون وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة، وشهدته جموع لا يحصيها العد، وكان يوم نقله يوماً مشهوداً.
ويعتبر من نافلة القول أن تذكر له كرامة بعد هذا إذ هي كالخاتم الذي يوضع في ذيل الصحيفة ليدل على صدق كل ما سطر في أعلاها، وليثبت مثل ما قيل أو يقال عنه من الرسوخ في مقامات القرب والتمكين، والحظوة عند رب العالمين والوراثة المحققة لسيد الأولين والآخرين وتدل على كمال متابعته للحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم حيث أن أجساد الأنبياء لا تأكلها الأرض وكذلك كل أتباعه مصداقاً للحديث الذي قال في ما رواه عنه أبو الدرداء (وأن أحدا يصلى علىّ إلا عرضت علىّ صلاته حتى يفرغ منها قال: قلت .. وبعد الموت؟ قال (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام) رواه بن ماجه بسند جيد.

مرضه ووفاته رضي الله عنه:
وبعد تلك الحياة الحافلة بجلائل الأعمال المشرقة المضيئة بأسمى الخصال اسلم الشيخ روحه إلى بارئها لينزلها عنده في منازل المقربين، ويستقر في مقعد صدق عند مليك مقتدر وكان ذلك في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة عام 1331هـ عقب مرض ألزمه الفراش مدة من الزمن ولكن لم يستطع أن يحول بينه وبين مظاهر العبودية فما فاته من صلاته وقت وكان يتكلف الوضوء حتى اسلم الروح.

مؤلفاته العلمية والأدبية:
ولقد زود المكتبة الإسلامية بعديد من كتبه في التوحيد والتصوف والفقه وعلوم البلاغة بالإضافة إلى رسائله الأدبية وقصائده الشعرية وكل مؤلفاته تلوح عليها علامات القبول ونفحات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ودليل ذلك زيوعها وانتفاع الخلق بها.
ومن هذه المؤلفات:
1 - الكشف الرباني: وهو شرح جليل على منظومة أستاذه العارف الشرقاوي في التوحيد والتصوف.
2 - مطية السالك إلى مالك الممالك: في الطريق وفضلها ومتعلقاتها.
3 - بلغة المبتدى: وهو نظم صغير في علم التوحيد جمع فيه ببراعة فائقة كل أطراف فن التوحيد مع صغر حجمه ووجازة لفظه.
4 - الروض الندى: وهو شرح موسع لمنظومته بلغة المبتدى وهو شرح حافل بالفوائد.
5 - الفتح المحمدي: وهو شرح مختصر لمنظومته بلغة المبتدى.
6 - نهاية الإرشاد إلى رب العباد: في الذكر وآدابه وشروطه.
7 - القول البديع: في أحكام التسميع.
8 - نسائم الترويح: في مسائل التراويح.
9 - شرح على تشطير البردة: لأستاذه أبا المعارف الشرقاوي (لم يكتمل).
10 - نظم بديع في علم البيان: قوامه خمس وعشرون بيتا جمع فيه أصوله ومسائله الكلية.
11 - نظم لرسالة البيان: المسماه تحفة الإخوان لسيدي احمد الدردير رضي الله عنه وأرضاه.
12 - وله بجانب هذه المؤلفات العلمية كثير من الرسائل الأدبية والقصائد الشعرية في مختلف الأغراض السامية يضيق المقام عن عدها فضلاً عن سردها.

عن الكاتب

ناجح رسلان

التعليقات



الإشراقات المحمدية تحت اشراف فضيلة العلامة الشيخ فراج يعقوب حفظه الله

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

الإشراقات المحمدية