جمع القراءات في المحافل : بدعة منكرة ، ينبغي عدم إقرارها وعدم السكوت عليها :
قال الشيخ محمود الحصري :
قال الإمام ابن الجوزي في كتابه ( نقد العلم والعلماء ) في باب تلبيس إبليس على القراء :
إن من تلبيسه عليهم أن منهم من يجمع القراءات فيقول : ملك مالك ملاك .
وهذا لايجوز لأنه إخراج للقرآن عن نظمه .
انتهى كلام ابن الجوزي .
والخلاصة
أن الجمع في المحافل بدعة منكرة ، ينبغي عدم إقرارها وعدم السكوت عليها .
يضاف إلى ذلك مافي هذا الجمع من التكرار الذي يقطع على السامع سلسلة تتابع المعاني ، ويضطره - طوعا أو كرها -إلى أن يحصر تفكيره في الروايات المختلفة التي تطرق سمعه ، فيحول ذلك بينه وبين المقصود الأعظم من سماع القرآن وهو فهمه وتدبره والانتفاع بما فيه من رشاد وهداية وعظة وعبرة .
وإني أعتقد أن السبب الحامل لبعض القراء من ذوي الأصوات على الجمع في المحافل مافيه من لفت الأنظار إليهم ، والتفات القلوب حولهم وما ينشأ عن ذلك من الشهرة وذيوع الصيت ، الذي يجلب لهم الثمرة المادية والمنفعة العاجلة.
إن في هذا الجمع من المثالب - غير ما ذكر -
العجب والرياء والفخر والخيلاء وحب الظهور والقصد إلى التفوق على الأقران .
إن بعض القراء يقصد من هذا الجمع - مع ما ذكر - التفنن في توقيع الآيات القرآنية على قواعد الموسيقى وقوانين النغم ، لذلك تسمعه يقرأ الآية بنغم خاصة ، ثم يعيدها برواية أخرى ليتوصل بذلك إلى إعادة الآية بنغمة أخرى ، وهكذا ..
ومن أقبح أنواع الجمع ما يسمى بالجمع الحرفي ، وهو أن يعمد القاريء إلى كلمة مشتملة على روايات متعددة أو أوجه متنوعة ، فيعيد هذه الكلمة بعدد مافيها من الروايات أو الأوجه في نفس واحد .
فيقول مثلا : وقالت هيت لك بفتح الهاء ، وقالت هيت لك بكسر الهاء ، وقالت هيت لك بفتح الهاء وضم التاء ، وقالت هئت لك بفتح التاء ، وقالت هئت لك بضم التاء .
يقصد القاريء بذلك الإغراب على السامعين وأن عنده من كثرة الروايات والأوجه ماليس عند غيره .
وكل من عنده أدنى مسكة من فهم أو ذوق يدرك أن هذا النوع مخل بنظم القرآن ، ومضيع لرونق التلاوة ، مذهب لجمال الأداء .
والقاريء الذي في قلبه بقية من دين وأثارة من توقير القرآن وتقديسه لا يرتكب هذه الجريمة النكراء في تلاوة كلام رب العالمين . )
ــــــــــــــــــــــــ
من كتاب الشيخ الحصري : مع القرآن
ــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم