{ بفاحشة مُبينة } لا تتوهم أيها المسلم أنها الزنا . حاشا لنساء النبي ذلك :
{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }
( قوله: { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ } إلخ،
هذه الآيات خطاب من الله لأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إظهاراً لفضلهن وعظم قدرهن عند الله تعالى، لأن العتاب والتشديد في الخطاب،
مشعر برفعة رتبتهن لشدة قربهن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأنهن ضجيعاته في الجنة، فبقدر القرب من رسول الله يكون القرب من الله،
خلافاً لمن شذ وزعم أن حب النبي والقرب منه والتعلق به شرك.
قوله: { بِفَاحِشَةٍ }
قيل : المراد بها الزنا، والمعنى لو وقع من واحدة منكن هذا الفعل، لحدت حدين، لعظم قدرها، كالحر بالنسبة للأمة،
وعلى هذا القول فلا خصوصية لنساء النبي،
بل جميع نساء الأنبياء مصونات من الزنا،
ولذا قال ابن عباس: ما بغت امرأة نبي قط، وإنما خانت امرأة نوح ولوط في الإيمان والطاعة،
وقيل : المراد بها النشوز وسوء الخلق،
وقيل : الفاحشة إذا وردت معرفة فهي الزنا واللواط، وإن وردت منكرة فهي سائر المعاصي، وإن وردت منعوتة كما هنا، فهي عقوق الزوج وسوء عشرته، وقيل المراد بها جميع المعاصي وهو الأظهر، وهذا على سبيل الفرض والتقدير على حد: لئن أشركت ليحبطن عملك، وإلا فنساء النبي مطهرات مصونات من الفواحش . )
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
ينبغي أن تحمل الفاحشة هنا على عقوق الزوج و فساد عشرته:
{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }
( { بفاحشة مبينة } :
كبيرة من المعاصي،
ولا يُتوهم أنها الزنا،
لعصمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من ذلك،
ولأنه وصفها بالتبيين و والزنا مما يتستر به،
وينبغي أن تحمل الفاحشة على عقوق الزوج وفساد عشرته.
ولما كان مكانهن مهبط الوحي من الأوامر والنواهي،
لزمهن بسبب ذلك. وكونهن تحت الرسول أكثر مما يلزم غيرهن،
فضوعف لهن الأجر والعذاب.)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
كلما وردت الفاحشة في القرآن نكرة فهي المعصية :
{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }
( والفاحشة : المعصية،
قال تعالى :
{ قل إنما حرَّم ربيَ الفواحش ما ظهر منها وما بطن } الأعراف 33
وكلما وردت الفاحشة في القرآن نكرة فهي المعصية
وإذا وردت معرفة فهي الزنا ونحوه.
والمبيِّنة بصيغة اسم الفاعل مبالغة في بيان كونها فاحشة ووضوحه حتى كأنها تبيِّن نفسها وكذلك قرأها الجمهور.
وقرأ ابن كثير وأبو بكر بفتح الياء، أي يبيّنها فاعِلها.)
التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ)
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
كلام طيب أزهر , لمولانا الطنطاوي شيخ الأزهر , في آية نساء النبي الأطهر :
{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }
( والفاحشة : ما قبح من الأقوال والأفعال.
والمعنى يا نساء النبى صلى الله عليه وآله وسلم
من يأت منكن بمعصية ظاهرة القبح،
يضاعف الله - تعالى - لها العقاب ضعفين،
لأن المعصية من رفيع الشأن تكون أشد قبحا، وأعظم جرما.
قال صاحب الكشاف :
وإنما ضوعف عذابهن، لأن ما قبح من سائر النساء، كان أقبح منهن وأقبح،
لأن زيادة قبح المعصية، تتبع زيادة الفضل والمرتبة.
وليس لأحد من النساء، مثل فضل نساء النبى صلى الله عليه وآله وسلم
ولا على أحد منهن مثل ما لله عليهن من النعمة..
ولذلك كان ذم العقلاء للعاصى العالم أشد منه للعاصى الجاهل،
لأن المعصية من العالم أقبح.
وقد روى عن زين العابدين بن على بن الحسين - رضى الله عنهم -
أنه قال له رجل إنكم أهل بيت مغفور لكم،
فغضب،
وقال : نحن أحرى أن يجرى فينا، ما أجرى الله - تعالى - على نساء نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من أن لمسيئنا ضعفين من العذاب، ولمحسننا ضعفين من الأجر.
وقوله - سبحانه - { مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ.. } جملة شرطية.
والجملة الشرطية لا تقتضى وقوع الشرط،
كما فى قوله - تعالى -{ وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ.. }
وكما فى قوله - سبحانه -{ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } )
الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ)
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
مجرد النشوز وسوء الخلق من نساء النبي كأنه فاحشة : لماذا ؟ :
{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }
( { من يأت منكن بفاحشة }
بسيئة بليغة فى القبح وهى الكبيرة
{ مبينة } ظاهرة القبح
من بين بمعنى تببن
قيل : هذا كقوله تعالى{ لئن اشركت ليحبطن عملك }
لا أن منهن من اتت بفاحشة اى معصية ظاهرة.
قال ابن عباس رضى الله عنهما :
يعنى النشوز وسوء الخلق.
قال الراغب:
الفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والاقوال . انتهى.
يقول الفقير :
لعل وجه قول ابن عباس رضى الله عنهما
أن الزلة منهن ـ كسوء الخلق ـ مما يعد فاحشة
بالنسبة إليهن
لشرفهن وعلو مقامهن
خصوصا إذا حصل بها أذية النبى صلى الله عليه وآله وسلم
ولذا قال { يضاعف لها العذاب ضعفين }
أي يعذبن ضعفى عذاب غيرهن أي مثليه
{ وكان ذلك } اى تضعيف العذاب { على الله يسيرا } لا يمنعه عنه كونهن نساء النبى بل يدعوه اليه لمراعاة حقه.
قال فى الاسئلة المقحمة :
ما وجه تضعيف العذاب لزوجات النبى عليه السلام ؟
الجواب:
لما كان فنون نعم الله عليهن اكثر ,
وعيون فوائده لديهن أظهر
من :
الاكتحال بميمون غرّة النبى عليه السلام
وترْداد الوحى الى حجراتهن
بإنزال الملائكة
فلا جرم كانت عقوبتهن عند مخالفة الامر من اعظم الامور وافخمها
ولهذا قيل :
ان عقوبة من عصى الله تعالى عن العلم اكثر من عقوبة من يعصيه عن الجهل
وعلى هذا أبدا.
وحد الحر اعظم من حد العبد
وحد المحصن اعظم من حد غير المحصن
لهذه الحقيقة . انتهى.
وعوتب الانبياء بما لا يعاتب به الامم.
والحاصل :
ان الذنب يعظم بعظم جانِيه
وزيادة قبحه تابعة لزيادة شرف المذنب والنعمة
فلما كانت الازواج المطهرة امهات المؤمنين
واشراف نساء العالمين
كان الذنب منهن اقبح
على تقدير صدوره
وعقوبة الاقبح اشد واضعف . )
روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ)
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
كلمات عجيبة , من مولانا ابن عجيبة , في تنزيه النساء المهيبة :
{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }
( { يا نساءَ النبيّ من يأتِ منكن بفاحشةٍ }
بسيئة بليغة في القُبح
{ مُبَيِّنَة } ظاهرٌ فحشها،
من: بيّن، بمعنى: تبيّن.
وقرأ المكي وشعبة بفتح الياء،
وهي عصيانهنّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم،
ونشوزهن.
قال في المقدمات:
كل فاحشة نُعتت في القرآن بالبينة فهي بالنطق،
والتي لم تُنعت بها زنا . هـ.
{ يُضَاعَفْ لها العذابُ ضِعْفين } أي: ضِعفي عذاب غيرهنّ من النساء لأن الذنب منهن أقبح فإنَّ قُبح الذنب يتبع زيادة فضل المذنب والنعمة عليه،
ولذلك قيل: ليست المعصية في القُرب كالمعصية في البُعد. وليس لأحد من النساء مثل فضل النساء النبي صلى الله عليه وسلم، ولذا كان الذم للعاصي العالم أشدّ منه للعاصي الجاهل لأن المعصية من العالِم أقبح،
وفي الحديث: " أشدُّ الناس عذاباً يومَ القيامة عالمٌ لم ينفعه الله بعلمه "
لقوة الجرأة في العالم دون غيره.
ولهذا أيضاً فضل حدّ الأحرار على العبيد، ولم يرجح الكافر.
{ وكان ذلك } أي: تضعيف العذاب عليهن { على الله يسيراً } هيناً. )
البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ)
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
بيانات جيلانية , في آية نساء الحضرة المحمدية :
{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }
( ثمَّ لمَّا نبه سبحانه عليهن طريق الإحسان، وعلمهن سبيل الفوز إلى درجات الجنان أراد أن يجنبهن ويبعدهن عن دركات النيران، فقال منادياً عليهن؛ ليقبلن إلى قبول ما يتلى عليهن:
{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ } - أضافهن سبحانه إياه صلى الله عليه وآله وسلم؛ للتعظيم والتوقير - من شأنكن التحصن والتحفظ عن الفحشاء، والتحرز عن المكروهات مطلقاً
{ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ } وفعلة قبيحة، وخصلة ذميمة عقلاً وشرعاً { مُّبَيِّنَةٍ } أي: بينة ظاهرة فحشها بنفسها، أو ظاهرة واضحة قبحها شرعاً وعرفاً - على كلتا القراءتين -
{ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ } يعني: عذابكن ضعف عذاب سائر الحرائر لا أزيد منها؛ حتى لا يؤدي إلى الظلم المنافي للعدالة الإلهية، كما يضاعف عذاب سائر الحرائر بالنسبة إلى الإماء
{ وَكَانَ ذَلِكَ } التضعيف
{ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } يعذبكن أن تأتي إحداكنن بها. )
تفسير الجيلاني المنسوب لـ/ الجيلاني (ت713هـ)
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
مجرد النطق السيء من نساء النبي : فاحشة :
{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }
( { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ }
يشير إلى أن الثواب والعقاب بقدر نفاسة النفس وخستها تزيد وتنقص،
وأن زيادة العقوبة على الجرام من أمارات الفضيلة
كحد الحر والعبد،
وتقليل ذلك من أمارات النقص
وذلك لأن أهل السعادة صنفان:
صنف منهم السعيد
والآخر : الأسعد،
فالسَعيد: من أهل الجنة،
والأسعد: من أهل الله،
فإذا صدر من السعيد طاعة فيعطي أجراً واحداً من الجنة،
وإن صدر معصية فيعطي بها عذابا واحداً من الجحيم،
وإذا صدر من أهل الأسعد طاعة فيعطي أجره مرتين
وذلك بأن له درجة في الجنة
ومرتين في القربة،
وإن صدر منه معصية يضاعف له العذاب ضعفين
نقص في درجته من الجنة
ونقص في مرتبته من القربة
أو عذاب من ألم مس النار،
وعذاب من ألم مس بعد ذلك الحجاب
ومن هنا كان دعاء السَّري السَّقطي - قدس سره -:
اللهم إن كنت معذبي بشيء فلا تعذبني بذل الحجاب
{ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } أن يضاعف لهن العذاب ضعفين
بخلاف الخلق
لأن تضعيفه العذاب عليهن في جهنم ليس بيسير،
فإنهم يبعثون به ويعسر عليهم ذلك. )
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ)
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
صحح مفاهيمك : { يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة}
يعني : نطقا قبيحا يؤذي النبي.إياك أن تتوهم شيئا آخر.وقِّر النبي يا محب النبي
من إشارات أهل الله , في هيئة الصلاة :
( { وأقمن الصلاة }
التي هي معراج المؤمن
يرفع يده من الدنيا
ويكبر عليها
ويقبل على الله بالإعراض عما سواه،
ويرجع من مقام تكبر الإنسان
إلى خضوع ركوع الحيوان،
ومنه إلى
خشوع سجود النبات،
ثم إلى قعود الجماد
فإنه بهذا الطريق
أهبط إلى أسفل القالب
فيكون رجوعه بهذا الطريق
إلى أن يصل إلى مقام الشهود
الذي كان فيه في البداية الروحانية،
ثم يتشهد بالتحية والثناء على الحضرة،
ثم يسلم عن يمينه على الآخرة وما فيها
وعن شماله على الدنيا وما فيها )
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم