احتفاء الشيخ بميلاد سيدنا الحسين رضى الله عنه:
ومع أن شيخنا رضي الله عنه، كان لا يزور أهل البيت - رضوان الله عليهم - في موالدهم الرسمية، إلا أنه كان يحرص على حضور مولد سيدنا الحسين رضي الله عنه الحقيقي، ليلة الخامس من شعبان كل عام، ولذلك سبب نذكره.
زار شيخنا رضي الله عنه سيدنا الحسين مرة كعادته خلال السنة، مع حرصه على المبيت بجوار سيدنا الحسين ، ليصلى الفجر في مسجده، وبعد هذه الزیارة جلسنا حوله في المسجد فقال: إني أرى المصطفی فی زيارة لولده الحسین رضي الله عنه، وهذا على خلاف العادة، إذ إني أعرف أنه يزور ابنه الحسين كل ليلة جمعة، ولم تكن هذه الليلة ليلة جمعة، ثم عقب قائلا: لعل هذا لحكمة يعلمها الله.
ثم انصرفنا من الزيارة إلى الفندق الذي نبيت فيه كعادتنا، بجوار سيدنا الحسين رضي الله عنه، فلاحظنا على الشيخ رضي الله عنه حالا غير عادية من الهيام والوجد، وذكر عبارات للسادة الصوفية، ومقارنة بين بعض المقامات لهم، والتحدث في مناقب أهل البيت رضوان الله عليهم، والتوجه لبعض من حوله من المريدين ناصحا إياهم ومكاشفهم ببعض ما فيهم، فنال كثير منا شيئا من هذا الوجد، وعمنا جميعا تجليات ربانية، وأحسسنا بخفة في أجسامنا وهيمان لأرواحنا وانطلاق لها وانشراح في صدورنا ورقة في قلوبنا، حتى عزم الكثير منا على عدم النوم ما دام الشيخ على هذه الحال لعل الله جل وعلا ينفحنا في هذه الليلة، ويمن علينا مما يفاء به على شيخنا رضي الله عنه، وأيضا كان دأبنا معه دائما في السفر ألا ننام ما دام مستيقظا، فإذا تأهب للنوم انصرفنا إلى مضاجعنا.
حدث كل ذلك ولا ندرى له سببا(1) وإذا بأحد المریدین من القراء يأتي لزيارة الشيخ رضي الله عنه في الفندق حين علم بحضوره، فأخبر الشيخ بأن هذه الليلة هي ليلة المولد الحقيقي لسيدنا الحسين رضي الله عنه، حينئذ عرف الجميع سر هذا الوجد، وذلك الهيام، وتلكم التجليات، ثم عقب الشيخ على ذلك قائلا: إذاً جده عليه الصلاة والسلام جاء لزيارته هذه الليلة لتلك المناسبة.
ومن يومها حرص الشيخ رضي الله عنه على حضور هذه الليلة كل عام مهما كانت الأسباب عنده،
وبحمد الله توارث أبناؤه من بعده هذه العادة، وحرصوا عليها، وها هم أولاء يعدون لها العدة كل عام، اقتداء بشيخهم، وأملا في نفحات حضرة السبط الكريم رضي الله عنه. (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) الشوری:۲۳
(1) لم تكن هناك وقتئذ امارات تدل على اي اثر للإحتفال بمولد الحسين، ولكنهم الآن اهتموا بإحياء تلك الليلة كل عام بصورة تلفت النظر.
من كتاب/ المنار الهادي في خصائص شيخنا القاضي رضى الله عنه لخليفته فضيلة الشيخ عبد الجليل قاسم رضى الله عنه ص 253
قام بنسخه من الكتاب / سماحة الشيخ ناجح رسلان حفظه الله ونفع به
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم